تتميز هذه الصحة بجملة أمور منها:
- الخصوبة العالية، فحالات العقم سواء لدى الحصان العربي الأصيل أم الفرس العربية الأصيلة نادرة جدًّا. والحصان العربي لا يفقد قدرته التناسلية حتى ولو تقدم في السن، فكثيرًا ما نجد أفراسًا قد أنجبت عشرين مهرًا وأحصنة عربية استخدمت لغرض التناسل رغم بلوغها الثلاثين من عمرها.
- الشفاء العاجل من الجروح وكسور عظامه بفعل تعرضه للحوادث المختلفة. والغريب في الأمر، كما يقول زيدل، أن خيول البدو التي كسرت عظامها وجبرت بطريقة غير سليمة تقوم هي الأخرى بواجباتها أحسن قيام، فتركض، وتقفز، وتقطع المسافات الطويلة.
- الاكتفاء بقليل من الطعام، والانتفاع بالعلف أكثر من السلالات الأخرى. يقول كلينسترا: "أظهرت مسابقات المسافات الطويلة الصعبة جدًّا التي نظمت في الولايات المتحدة في العشرينيات أن الخيول العربية الأصيلة التي شاركت في تلك المسابقات احتاجت فقط إلى 60% من الوجبات اليومية لبقية الخيول المشاركة لتفوز بالسباق".
- التمتع بجهاز تنفسي ممتاز، وذلك بفعل سعة قصبته الهوائية بالنسبة إلى حجمه، وضخامة قفصه الصدري، وهذا ما يساعد على إدخال كميات كبيرة من الأكسجين إلى الرئتين دفعة واحدة. ويستفاد من الفحوص المخبرية التي أجريت على دماء الخيول العربية الأصيلة وعلى دماء غيرها أن كمية اليحمور (HEMOGLOBINE) (مادة آحية زلالية يتألف منها العنصر الملون في دم الفقاريات) الموجودة في لتر واحد من الدم عند الخيول العربية الأصيلة تفوق الكمية الموجودة عند باقي الخيول، ولذلك يستطيع الجواد العربي أن ينقل كميات أكبر من الأكسجين في كل لتر دم.
الشجاعة والحماسة
نتيجة الحياة القاسية التي عاشها الحصان العربي الأصيل مع العرب في صحرائهم الموحشة وبين الحيوانات المتوحشة، هذه الحياة المليئة بالغزوات، والحروب، فقد اكتسب شجاعة نادرة أصبحت عبر القرون جزءًا لا يتجزأ من حياته النفسية، وخصاله الحميدة. يقول دافنبورت: "يتحلى الجواد العربي الأصيل بشجاعة وحماسة لا مثيل لهما". ويقول براون: " يتميز الجواد العربي الأصيل عن باقي أنواع الخيول بشجاعته المنقطعة النظير. فهو لا يخشى حتى الأسد والنمر، بل إنه يستخدم في الهند لصيد هذه الحيوانات المتوحشة. ويقول كلنسترا في كتابه "الأصالة الصحراوية": لقد تأكدت من شجاعة الأفراس الصحراوية عن طريق فرسي نجمة. ركبت ذات مساء فرسي بدون لجام مستعينًا في قيادته بالزمام فقط. وكانت الشمس مشرفة على المغيب، والظلام بدأ يخيم على الطبيعة؛ حيث التقينا في طريقنا بمجموعة من الجنود كانوا يقومون في لباسهم المخفي بتداريب ليلية. ولما مررنا بهم أخذوا في الصياح والهتاف، الأمر الذي أزعج فرسي. ولم أرتح أنا بدوري لسلوك هؤلاء الجنود، فأردت معاتبتهم على ذلك، فكان رد فعلهم ضحكًا وسخرية. فتوجهت بفرسي إلى قائد الكتيبة طالبًا منه بعض الاستفسارات، وكانت حركتي عنيفة شيئًا ما، مما جعل فرسي يظن أنني أقصد بذلك مهاجمة المشاة، فانقض على بعض الجنود راكضًا، ونط فيما بينهم، ثم دار بسرعة البرق، وأما الجنود فقد سقط بعضهم على الأرض وتراجع بعضهم الآخر، وقد رموا بسلاحهم على الأرض من شدة الخوف والارتباك. وانطلق بي فرسي راكضًا حتى إذا قطعنا مسافة 50 مترًا تقريبًا، عدنا إلى مكان الواقعة لنراقب الجنود المذعورين، وهم يجمعون سلاحهم دون أن يتلفظ أحدهم بكلمة واحدة. ولحسن الحظ بجروح أثناء هذا الاصطدام الذي أثبت فيه الفرس الصحراوي شجاعته وحماسته".
الذكاء والفطنة وحب التعلم
يتمتع الحصان العربي الأصيل بذاكرة حادة، خاصة بالنسبة إلى الأماكن التي يمر فيها، أو الأشخاص الذين يتعاملون معه. وهو في المعارك، يتذكر الجهة التي أتى منها، حتى ولو أصيب بجروح بالغة. وتجاوب الحصان العربي الأصيل مع تعليمات قائده قلما نجدها عند الجياد الأخرى التي تدرب وتروض، يقول و.ر. براون: "يعد الجواد العربي من أذكى الخيول على الإطلاق. وإن صفاته الرائعة مثل الذاكرة القوية وسعة الصدر والوداعة تجعله أجدر المخلوقات وأنسبها لخدمة الإنسان كما ترفعه قدرته على القيام بوظائف ذهنية أخرى، إلى مرتبة الصديق الذي يستحق كل اهتمام وعناية... فالعرب لا يستخدمون في قيادة خيلهم سوى سلسلة تربط حول الخطم وتثبت بالزمام. ولقيادة هذه الخيول والتحكم فيها، ما على الخيل إلا أن يمسك بالزمام، ويضغط على الجواد بفخذه ضغطًا خفيفًا مستعملاً في ذات الوقت الصوت المناسب. أما الجواد الذي لم يسبق له أن عرف خيالين آخرين غير صاحبه، فإنه يفهم سيده مثلما تفهم المرأة زوجها. إنه يشرع بالركض بمجرد ما يعطيه صاحبه الإشارة، ويخب حالما يتراجع ثقل راكبه إلى الوراء، أو عندما يشعر بضغط على قفاه، ويخطو خطوات بطيئة إذا ما استرخى صاحبه على السرج، ثم يقف في مكانه إذ يرفع سيده متكئًا على مسند السرج. ويكون لتحريك فخد الخيال إلى الأمام أو الخلف رد فعل سريع لدى جواده الذي ينقلب إلى هذا الاتجاه أو ذاك بحسب الأحوال. وإذا هم الخيال بالركوب أو النزول توقف جواده في مكانه، وذلك دون حاجة للإمساك بالزمام".
والحصان العربي الأصيل يعرف وقع قدمي صاحبه دون أن يراه، فيصهل له ويحمحم. وإذا فاجأه في الليل، وهو نائم لم يسمع صوته، هب مذعورًا يدافع عن نفسه، فإذا عرفه تغير حاله، وأخذ موقف الخجل والاستحياء بعد صولته وإظهار العداء، ويبدأ بالحمحمة وخفض الرأس كأنه يستغفره.
تعليقات
إرسال تعليق